اعتبارًا من 18 يوليو من هذا العام، تم إطلاق حملة واسعة النطاق ضمن مبادرة "لنصبح مخلصي أوزبكستان الجديدة ونكون مروجي القيم المعنوية" حيث نُظمت فعاليات توعوية وتربوية في جميع أنحاء البلاد.
اللافت للنظر هو أن الحملة شهدت جهودًا مخلصة من قبل الحجاج من كبار السن (الآباء والأمهات الحجاج) الذين يعملون على تعزيز الشعور بالامتنان وزيادة الإحساس بالمسؤولية المجتمعية. كما نظموا أنشطة تهدف إلى التوعية المجتمعية وتحفيز القيم الأخلاقية.
على وجه الخصوص، قام الحجاج بالتعاون مع الأئمة والخطباء ونشطاء الأحياء بزيارة الأسر المحتاجة مثل الأسر التي فقدت معيلها والأسر المضطربة أو القريبة من الانفصال وكذلك العائلات التي تحتاج إلى دعم مادي ومعنوي. قاموا بتقديم نصائح قيمة مما أدخل الدفء والطمأنينة في قلوبهم إلى جانب تقديم المساعدات الخيرية.
كما كان من الباعث على السرور حل العديد من القضايا الاجتماعية، بما في ذلك تسوية النزاعات الأسرية وإصلاح العلاقات بين الأزواج الذين كانوا على وشك الانفصال وتوجيه الشباب الذين انحرفوا عن الطريق الصحيح. وفي إطار المبادرة تم توفير فرص عمل للعاطلين وترميم منازل المحتاجين وتقديم المساعدات المادية والغذائية للأسر ذات الدخل المحدود.
تم تنفيذ هذه الأنشطة بدعم من السلطات المحلية وإدارة مسلمي أوزبكستان ولجنة الشؤون الدينية ورابطة أحياء أوزبكستان. كما قدم فريق العمل الجمهوري المشترك بالتعاون مع رؤساء ونشطاء الأحياء والأئمة والحجاج إرشادات مستمرة بشأن تنفيذ هذه الأنشطة في المجتمعات المحلية.
بالإضافة إلى ذلك، تم تخصيص 11,103 حاجًا لمساعدة سكان أحيائهم الذين يحتاجون إلى دعم اجتماعي، بما في ذلك المحتاجون والأسر الفقيرة وأولئك المسجلون على قوائم المراقبة الوقائية والأسرالقريبة من الانفصال.
من 18 يوليو إلى 4 ديسمبر تم تنظيم 53,343 فعالية ضمن إطار برنامج التخصيص في مختلف مناطق أوزبكستان. وشملت هذه الفعاليات:
جمهورية قاراقلباغستان: 1,889 فعالية، ولاية أنديجان: 5,811 فعالية، ولاية بخارى: 2,144 فعالية، ولاية جيزاخ: 6,144 فعالية، ولاية نوائي: 874 فعالية، ولاية نمنكان: 6,700 فعالية، ولاية سمرقند: 9,001 فعالية، ولاية سيرداريا: 1,361 فعالية، ولاية سرخاندريا: 1,797 فعالية، ولاية طشقند: 2,058 فعالية، ولاية فرغانة: 2,066 فعالية، ولاية خوارزم: 4,165 فعالية، ولاية قشقادريا: 4,217 فعالية، مدينة طشقند: 5,116 فعالية.
أبرز النتائج:
بمشاركة 11,103 حاجًا، تم التواصل مع 313,138 مواطنًا حيث تم تنظيم لقاءات بالتعاون مع رؤساء الأحياء والأئمة.
تم تقديم مساعدات مادية بقيمة 3.238 مليار سوم ومساعدات غذائية بقيمة 3.682 مليار سوم للأسر المحتاجة بما في ذلك الأسر ذات الدخل المحدود فاقدة المعيل والمحتاجة.
نُفذت 4,818 جلسة لتعزيز قيمة السلام والشكر3,318 جلسة لتوجيه الشباب ومحاربة الآفات الاجتماعية 2,697 جلسة لتشجيع التعليم والمعرفة و3,565 جلسة لمكافحة الأفكار الضالة و 7,462 جلسة لحل النزاعات الأسرية ومكافحة الطلاق.
إجمالي النتائج:
تم تنظيم 53,343 فعالية استفاد منها 313,138 مواطنًا. والأعمال ضمن هذه المبادرة الخيرية مستمرة لتحقيق أهدافها النبيلة.
خدمة الصحافة لإدارة مسلمي أوزبكستان.
جمع الإمام جلال الدين السيوطي (ت. 911هـ) في رؤيته لمفهوم الوضع بين المعالجة النحوية الدقيقة والتحليل الكلامي العميق، فاستفاد من منهجَي الطائفتين ليقدّم تصورًا متكاملًا لهذا المفهوم المحوري. فقد عرّف الوضع بأنه "جعل اللفظ بإزاء المعنى أولًا"[1]، موضحًا بذلك أن الوضع هو بداية بناء الدلالة في الذهن واللسان، ويقوم على اتفاق جمعي إرادي يُعطي للفظ مدلوله الخاص. وقد أورد هذا التعريف ضمن كتابه الموسوعي "المزهر في علوم اللغة وأنواعها"، حيث خصص فصلًا مستقلًّا لأنواع الوضع، ناقش فيه أدواته وأنماطه ومجالات استعماله، معتبرًا أن هذا الفعل الذهني الاجتماعي يمثّل الحلقة الأولى في نشأة النظام اللغوي، ويُبرهن على أن اللغة نتاج تفاعل بين الاستعداد الفطري والاجتهاد الإنساني. ومن خلال هذا المنظور، قدّم السيوطي نظرية متوازنة لا تُقصي التوقيف، ولا تُهمل الاجتهاد، بل تجمع بينهما ضمن إطار معرفي دلالي منفتح.
وسار السيوطي على نهج وسطي يوازن بين التفسير التوقيفي الذي يُعلي من شأن الفطرة والإلهام، والتفسير الاصطلاحي الذي يركّز على التواضع البشري والتجربة الجماعية، فهو لم يُقصِ أثر البعد الإلهي في تعليم اللغة، لكنه في الوقت ذاته لم يغفل أثر الاجتهاد والعرف في بناء الدلالة، مؤكدًا أن اللغة نتاج تداخل بين الموهبة الفطرية والفاعلية الاجتماعية للمتكلمين.
كما ناقش السيوطي بتفصيل ظاهرة المشترك اللفظي، مبينًا أن الكلمة الواحدة قد تُستخدم لمعانٍ متعددة بحسب السياق، مما يستدعي النظر إلى السياق بوصفه محددًا أساسيًّا للمعنى. وقد أبرز دور السياق اللغوي والعقلي في توجيه الدلالة وتحديد المقصود من اللفظ، وهو ما يعكس تطور فهم الوضع إلى مستوى أكثر تركيبًا، يدمج بين البنية اللفظية والنية الخطابية والظروف المقامية، ويُمهّد لمفهوم تعدد المعنى المرتبط بالاستعمال.
علم الوضع في العصر الحديث
شهد العصر الحديث نهضة جديدة لعلم الوضع ضمن الإطار النظري للّسانيات المعاصرة، حيث أعيد النظر في كثير من مفاهيمه التراثية وأُعيد دمجها ضمن مقاربات علم العلامات (السيميائيات)، خاصة مع التداخل القوي بين اللسانيات والدراسات الفلسفية. وقد ساهم عدد من الباحثين العرب المعاصرين في إبراز أهمية علم الوضع، ومن أبرزهم الباحث العراقي محمد ذنون الراشدي، الذي قدّم قراءة تحليلية معمّقة لموقع هذا العلم في التراث اللغوي، حيث كتب في مقاله:
"إن علم الوضع في التراث العربي يتميّز بصرامة منهجيّة وثراء دلالي لا يقلان عمّا طُرح في اللسانيات الغربية الحديثة، بل يُعدّ في كثير من جوانبه سابقًا لها من حيث التصور النظري والدقة التحليلية، كما أنه يُمثّل إحدى اللبنات التأسيسية لفهم بنية العلامة اللغوية في الفكر الدلالي، وذلك من خلال تناوله لمفاهيم الدال والمدلول والموضوع له بطريقة تقارب ما أرساه لاحقًا فلاسفة اللغة في الغرب"[2].
وقد أشار إلى أن مفاهيم مثل الدلالة، والمفهوم، والموضوع له، واللفظ، كلها مفاتيح للوصول إلى فهم شامل للغة. شهد العصر الحديث نهضة جديدة لعلم الوضع ضمن الإطار النظري للّسانيات المعاصرة، حيث أعيد النظر في كثير من مفاهيمه التراثية وأُعيد دمجها ضمن مقاربات علم العلامات (السيميائيات)، خاصة مع التداخل القوي بين اللسانيات والدراسات الفلسفية. وقد ساهم عدد من الباحثين العرب المعاصرين في إبراز أهمية علم الوضع، ومن أبرزهم الباحث العراقي محمد ذنون الراشدي، الذي قدّم قراءة تحليلية معمّقة لموقع هذا العلم في التراث اللغوي.
مراحل تطور علم الوضع
لقد مرّ علم الوضع منذ نشأته بتطور تدريجي عميق شمل المفاهيم والمنهج والتطبيق، ويمكن تقسيم هذا التطور إلى خمس مراحل رئيسية، تميزت كل واحدة منها بإسهامات نوعية على المستوى المعرفي والمنهجي:
مرحلة التمهيد والنشأة (القرنان الثاني والثالث الهجري): في هذه المرحلة ظهر علم الوضع في سياق الجدل حول أصل اللغة، وبرز ضمن مباحث النحو وأصول الفقه. وقد ناقش العلماء العلاقة بين اللفظ والمعنى، وظهر اتجاهان رئيسيان: التوقيفي الذي يرى أن اللغة من وحي إلهي، والاصطلاحي الذي يرى أن الوضع نتاج تواضع بشري. ومن أبرز من ناقش هذا الجانب ابن فارس (ت. 395هـ)، حيث قال في "الصاحبي": "أصل اللغة توقيف من الله جلّ وعز"[3]، وقد خالفه في ذلك الجبائي المعتزلي حين اعتبر أن "الوضع فعل عقلي يقوم على ملاءمة اللفظ للمعنى"⁸، مما يشير إلى تباين الرؤى في هذه المرحلة.
مرحلة التنظير الفلسفي والكلامي (القرنان الرابع والخامس الهجري): بدأ علم الوضع يكتسب استقلالًا نسبيًا من خلال معالجة فلاسفة الإسلام كابن سينا والفارابي، حيث نوقشت مسألة الوضع من منظور العقل والمنطق، وظهرت مفاهيم الوضع الذاتي والجماعي، وتم ربط الوضع بطبيعة المعرفة والإدراك. وقد أكد الفارابي (ت. 339هـ) في كتابه "إحصاء العلوم" أن "الوضع هو جعل الشيء بإزاء شيء بإرادة المتكلمين"[4]، وهو تعريف يكشف عن طبيعة التواضع الجماعي بوصفه فعلًا عقلانيًا تواصليًا.
مرحلة التصنيف والتقعيد البلاغي (القرنان السادس إلى الثامن الهجري): برز في هذه المرحلة دور البلاغيين والأصوليين كالتفتازاني والسكاكي والسيوطي، الذين وضعوا تقسيمات دقيقة للوضع من حيث عموميته وخصوصيته، وربطوه بالأساليب البيانية والمجازية، مما أدى إلى إثراء النظرية اللغوية وتوسيع دائرة تطبيقاتها. وقد أشار السكاكي (ت. 626هـ) في "مفتاح العلوم" إلى أهمية الوضع في تأسيس العلاقة بين الحقيقة والمجاز، واعتبر أن "فهم المجاز يتوقف على معرفة الوضع الأولي"[5].
مرحلة التكامل المنهجي والتوسّع الموسوعي (القرن التاسع الهجري): شهدت هذه المرحلة نضجًا نظريًّا لعلم الوضع في مؤلفات موسوعية مثل المزهر للسيوطي، حيث تم دمج بين الفقه اللغوي، والمنطق، والبلاغة في بناء نظرية وضعية متماسكة. وتم التمييز بين الوضع الأولي والاستعمال المجازي، وبين الوضع الخاص والعام، مما شكّل قاعدة صلبة للدراسات اللاحقة. وقد أشار السيوطي إلى أن "الوضع لا ينحصر في اللغة بل يتعداها إلى كل نظام رمزي يُنشأ بالتواضع"[6].
مرحلة التوظيف اللساني الحديث (القرن العشرون إلى اليوم): أعيد النظر في كثير من مفاهيم الوضع ضمن اللسانيات المعاصرة، خصوصًا في علم الدلالة والسيميائيات. وتم تبيين مدى سبق التراث العربي الإسلامي في طرح مفاهيم تُعد اليوم مركزية في علم اللغة، مثل العلاقة بين الدال والمدلول، وتعدد المعنى، والسياقية. وقد أشار تمام حسان (ت. 2011م) في كتابه "اللغة العربية معناها ومبناها" إلى أن "مفهوم الوضع كما طرحه ابن جني وابن سينا يُعد نواة لعلم العلامات الحديث"[7].
وبهذا، فإن علم الوضع تطوّر من كونه أداة تفسيرية في علم أصول الفقه إلى أن أصبح علمًا مستقلاً ذا طابع تركيبي ومعرفي، يستند إلى أبعاد لغوية، عقلية، واجتماعية، مما يجعله من أكثر العلوم التراثية اتساعًا وتأثيرًا.
يخشيبايوف محمد سعيد محمود
من صف الرابع. الفصل-405
[1] جلال الدين عبد الرحمن السيوطي (849هـ - 911هـ): إمام محدث وفقيه ومؤرخ ولغوي موسوعي، له أكثر من 500 مؤلف، من أبرزها "المزهر في علوم اللغة وأنواعها"، القاهرة: مكتبة دار الكتب المصرية، 1320هـ، ص 45.
[2] محمد ذنون يونس فتحي الراشدي، "علم الوضع وأثره في الفكر اللغوي قديمًا وحديثًا"، مجلة كلية العلوم الإسلامية، جامعة بغداد، مجلد 8، عدد 15، 2014م، ص 121. (محمد ذنون الراشدي هو باحث عراقي معاصر، متخصص في قضايا الدلالة واللغة، أستاذ في جامعة بغداد، وله مؤلفات ومقالات علمية تهتم بجذور الفكر اللساني العربي ومقارنته بالنظريات الغربية الحديثة
[3] أحمد بن فارس بن زكريا (ت. 395هـ): لغوي ومعجمي فارسي الأصل، صاحب كتاب "الصاحبي"، من أبرز دعاة التوقيف في أصل اللغة، بيروت: دار الكتب العلمية، 1997م، ص 45.
[4] أبو نصر محمد بن محمد الفارابي (ت. 339هـ): فيلسوف الشرق، ومؤسس المنهج الفلسفي الإسلامي، ومن أشهر كتبه "إحصاء العلوم"، القاهرة: دار الفكر العربي، 1949م، ص 58.
[5] يوسف بن أبي بكر السكاكي (ت. 626هـ): عالم لغوي وبلاغي، صاحب كتاب "مفتاح العلوم" الذي أسّس لعلوم البلاغة، بيروت: دار الكتب العلمية، 2000م، ص 312.
[6] جلال الدين عبد الرحمن السيوطي، (نفس المرجع أعلاه)132. ص
[7] تمام حسان (1918م – 2011م): لُغوي مصري معاصر، صاحب نظرية الدلالة السياقية، من أشهر كتبه "اللغة العربية معناها ومبناها"، القاهرة: دار الثقافة، 1979م، ص 174.